الاحد 14 سبتمبر 2025 13:12 م بتوقيت القدس
اتهمت منظمة "أطباء بلا حدود"، اليوم الأحد، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية ممنهجة بحق الشعب الفلسطيني في غزة"، مشددة على أن العاملين في المنظمة "لا يستطيعون وقف الإبادة، لكن قادة العالم يستطيعون"، وذلك في بيان صدر عن الأمين العام للمنظمة، كريستوفر لوكيير.
وقال البيان: "يواجه أكثر من مليون شخص في غزة رعبًا متجددًا بعد تلقيهم أمرًا عاجلًا بإخلاء مدينة غزة، قبيل الهجوم البري الموسّع الذي يشنه الجيش الإسرائيلي. الهروب مستحيل لكثر، من كبار السن، والمرضى بحالات حرجة، والحوامل أو الجرحى. والباقون خلفهم حُكم عليهم بالإعدام".
وأضاف: "أما من يحاولون الفرار، فسيرافقهم القصف العنيف. والناجون من هذه الرحلة سيصلون إلى مناطق مكتظة في وسط وجنوب غزة، حيث لا أمان ولا أساسيات يحتاجونها للبقاء. تقف الكارثة في وجه السكان الذين دُفعوا إلى حافة الهاوية خلال قرابة عامين من الوحشية المستفحلة".
وتابع البيان: "ما يحدث في غزة ليس مجرد كارثة إنسانية، بل إبادة جماعية ممنهجة لشعب بأكمله. ومنظمة أطباء بلا حدود تقولها بوضوح: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة وبإفلات كلّي من العقاب".
وأوضح: "مستوى الخسائر البشرية هائل. فبحسب آخر أرقام وزارة الصحة، قُتل أكثر من 64,000 شخص، من بينهم 20,000 طفل. يرجح أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك، فالكثير الكثير من الأشخاص عالقون تحت أنقاض المستشفيات والمدارس والمنازل".
وأكد البيان أن "ما من مأمن في غزة. أبيدت عائلات بأكملها وهي تحتمي في بيوتها. قُتل عاملون في المجال الصحي خلال رعايتهم للمرضى. استُهدف صحافيون لأنهم أدلوا بشهادتهم. هاجم الجيش الإسرائيلي الحجر والبشر في غزة".
وتابع: "تستخدم إسرائيل أسلحة فائقة القوة ومصممة لساحات القتال المفتوحة، اشترت بعضها من الحكومات الأمريكية والأوروبية، مستهدفةً مناطق حضرية مكتظة بالسكان، حيث يحتمي الناس في الخيام. وينتج عن ذلك إصابات قاتلة تُعالجها فرقنا".
وأشار البيان إلى أن "السلطات الإسرائيلية استهدفت وبشكل ممنهج نظام الرعاية الصحية في غزة، من قصف للمستشفيات، وغارات على المرافق الطبية، وتهديد حياة الكوادر والمرضى. من شأن هذه الأعمال أن ترقى إلى مستوى جرائم الحرب. أما المستشفيات القليلة المتبقية فهي مكتظة وتعاني من شح في الإمدادات. المرضى يعانون ويسقطون ضحايا لموت يمكن تجنّبه".
ولفت إلى أن "اثني عشر من زملائنا قُتلوا، ولا يزال جراح العظام في أطباء بلا حدود، د. محمد عبيد، معتقلًا لدى إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024. قُتل في المحصلة أكثر من 1,500 عامل في القطاع الصحي. كل واحد منهم يشكل خسارة فادحة لعائلاتهم ولنظام الرعاية الصحية المحاصر في غزة".
وأضاف البيان: "يمتد تأثير هذه الحرب الإبادية لما هو أبعد من الهجمات المباشرة. أطبقت السلطات الإسرائيلية الخناق على غزة عامدة متعمدة، وفرضت حصارًا شاملًا وقيودًا صارمة على الوقود والمياه والغذاء والإمدادات الطبية".
وأكد أن "سياسة العقاب الجماعي حققت هدفها الوحشي، فأدى التجويع المتعمد إلى إعلان المجاعة. أظهر مسح أجري مؤخرًا في عياداتنا في غزة أن 25 في المئة من النساء الحوامل أو المرضعات يعانين من سوء التغذية، ما قد يزيد من خطر وفيات الأجنّة والإجهاض والولادات المبكرة".
وتابع: "أما القلة المتاحة من المساعدات الغذائية، فقد حُوّلت بإذلال إلى سلاح. فالمخطط الذي تديره إسرائيل وتموله الولايات المتحدة الأمريكية مسؤول عن مقتل 1,400 شخص وإصابة 4,000 آخرين. عالجنا أطفالًا أصيبوا بأعيرة نارية في صدورهم بينما كانوا يمدون أيديهم للحصول على الطعام، وأشخاصًا دُهسوا أو اختنقوا خلال التدافع. هذا المستوى من الوحشية لا يصدقه عقل".
وأضاف البيان: "يؤدي النقص المتعمد في المياه إلى تفشي الأمراض. في الشهر الماضي، عالجت أطباء بلا حدود 4,000 شخص من الإسهال المائي والذي قد يكون قاتلًا للأطفال الذين يعانون أصلًا من سوء التغذية. تستطيع أطباء بلا حدود أن تزيد من إمدادات مياه الشرب النظيفة، ولكنها تُمنع من ذلك مرارًا".
وأشار إلى أنه "في الوقت نفسه، تتسارع وتيرة عنف المستوطنين وعنف الدولة في الضفة الغربية المحتلة. تتصاعد وتيرة سرقة الأراضي، والتهجير القسري، والاعتداءات على السكان، بصفتها جزءًا من السياسات الرامية إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للضفة الغربية".
وشدد البيان: "تتواطأ حكومات العالم في هذه الإبادة الجماعية من خلال دعمها لإسرائيل بشكل سياسي أو عسكري أو مادي. وعليها التزام أخلاقي وقانوني بالرّد: عبر الضغط السياسي الحقيقي، لا الكلمات الجوفاء، وبكل الأدوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لوقف هذه الفظائع".
وأكد أن "على الدول ضمان الوقف الفوري لإطلاق النار، ورفع الحصار وضمان سماح السلطات الإسرائيلية بإيصال المساعدات الإنسانية المستقلة على نطاق واسع وبلا عوائق. يجب حماية المرافق الطبية والعاملين في المجال الصحي. ويجب وضع حد لأوامر الإخلاء والتهجير القسري والجماعي للسكان".
وأضاف البيان: "كما يجب فتح الحدود للسماح بإجلاء الأشخاص الذين يرغبون بالمغادرة، والمرضى المحتاجين لرعاية متخصصة طارئة. على الحكومات أن تعمل بشكل مباشر على تسهيل هذه المسارات المنقذة للحياة وتضمن حق العودة عندما تكون ظروفها آمنة بالفعل".
وتابع: "كانت هجمات حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023 مروعة، ويجب السماح لجميع الرهائن المتبقين بالعودة إلى ديارهم، شأنهم شأن الفلسطينيين ممن اعتُقلوا بشكل تعسفيّ".
وأكد البيان: "يمكن للبلدان التي أعربت عن غضبها وتضامنها مع الفلسطينيين أن تفعل المزيد لزيادة الضغط السياسي على غيرها من الدول كي تتحرك، وعليها أن تفعل المزيد. يشمل الضغط ضمان وقف جميع الدول لنقل الأسلحة التي تقتل وتصيب السكان وتدمر البنية التحتية المدنية في غزة".
وختم البيان: "يبلغ عدد زملائنا في غزة 1,399 زميلًا، وهم يواجهون كل يوم الحقيقة المرة: فهم لا يستطيعون إيقاف الإبادة الجماعية. ولكن قادة العالم يستطيعون، إذا اختاروا أن يتحركوا. ومع اقتراب السنوية الثانية لهذا العنف الشديد الذي لا يرحم، فإن الخيارات السياسية المطلوبة لوضع حد لهذا العنف قد طال انتظارها".